برلمان تحت الطلب
1:04:04 AM 2019-04-17 منذ : 2049 يوم
برلمان تحت الطلب
توقفت كثيراً وأنا أتأمل في مخرجات اجتماع مجلس النواب اليمني المُنعقد في مدينة سيئون الجنوبية ولم اقرأ أو اسمع أي جديد فيها سوى الإصرار على الاستمرار في النهج القديم بكل سلبياته. وهنا تذكرت ما قاله الرئيس السابق علي عبد الله صالح عندما تحدث عن فكر ومنهج مدرسته وهو ما استخدمه وردده في وصف رجاله :
( علمنا علمنا ما اخترجش ما اخترجش.) انتهى.
لم ينفع معهم ضياع اليمن بسبب الصراعات والتحالفات الفاشلة، ولم يستوعبوا بعد سنوات الاحداث والتجارب، لم يتعلموا خلال الأربعة الأعوام من التواجد في مدن وفنادق وقصور دول التحالف، ماتزال العقلية هي ذاتها الإصرار على ترديد شعارات الماضي.
كان سلطان البركاني أكثر وضوحاُ ''عندما قال الزعيم الشهيد عبدربه منصور هادي '' ليس زلة لسان ولكنه قال حقيقة قناعاته وحنينه لتلك الحقبة التي كان واحد من رجال دولتها، تلك الحقبة التي غادرت التاربخ وتركت لأبناء اليمن مأساي وكوارث لا حصر لها.
لم نرى في كلمات الجلسة الافتتاحية والختامية ما يمنح الأمل للشعب اليمني للخروج من مأساته، والذي يعاني الأمرين :
مر حكومة مغتربه فاسده ، ومر مليشيات مسيطرة مغتصبة.
كنا ننتظر خطاب سياسي واقعي يتحدث عن اسباب سقوط الدولة وجيشها الذي فشل في الدفاع عن الوطن والشعب ، كنا نتمنى خطاب واقعي يعترف بحقوق ومطالب أبناء الجنوب الذين دافعوا وقاتلوا الغزاة وافشال المشروع الايراني
كنا نتطلع إلى سماع خطاب يحدد مراحل المستقبل السياسيي والاقتصادي والاجتماعي، وحشد الإمكانيات العسكرية لتحرير الشمال ، لم نسمع من ذلك شئ عدى مشاهدة صور الشخصيات المحنطة المرتبطة بالفساد ونهب ثروات اليمن طيلة حكم صالح .
لقد تبين إن الشرعية هي امتداد لنفس عقلية الدويلة الصالحية ولا أمل في إصلاح مسارها، ولعلها بهذه الرخاوة تساعد على استمرارية الاوضاع على ما هي عليه، وهنا تضمن مصالحها ومصالح القوى الأخرى المتنفذة في كل اليمن .
كل خطوات الشرعية لاتعطي الأهمية لهزيمة الانقلابين المسيطرون على الشمال، بل ان ما نلاحظه ان جل الاهتمام ينصب على نشر الفوضى وعدم الاستقرار في الجنوب، والتنكر للدور الذي أبدته المقاومة الجنوبية في هزيمة ودحر الغزاة. وقد تمثلت تلك الأفعال في المواقف التالية :
أولاً:.. مواجهة كل خطوة تعيد للجنوب الأمن والاستقرار وتوحيد صفوف أبنائه في كيان سياسي يمثلهم أمام استحقاقات المرحلة السياسية الراهنة والقادمة وذلك من خلال إقدامها على استنساخ كيانات سياسية وأخرها فشل الإعلان عن ائتلاف جنوبي جديد في القاهرة.
ثانيا:..التوجس من اجتماع البرلمان الجنوبي في عاصمة حضرموت ، وملاحقته باجتماع للبرلمان اليمني في سيئون تحت حراسة وحماية قوات التحالف.
ثالثا .. محاولة التأثير على النشاط الإقليمي والدولي للمجلس الانتقالي الجنوبي والتشكيك في دوره وتأثيره ، وشاهدنا إرسال ثلاثة وفود متتالية إلى موسكو.
رابعاً .. شن حملة إعلامية منظمة تتشارك فيها قنوات الشرعية والآلة الإعلامية الإصلاحية الإخوانية ضد الجنوب وقواه السياسية المختلفة، متناسون إن العدو الحقيقي هو من يسيطر على صنعاء وبقية المحافظات الشمالية.
كل هذا يشير إلى إن الخيارات السياسية والعسكرية للشرعية تصب في مواجهة الجنوب وفرض سياسة القوة وتكرار شعار الوحدة أو الموت، والاستمرار في '' استعمار الجنوب '' كما قالها علي محسن الأحمر في خطابه بتاريخ 3/4/2012 .
ماتزال الشرعية تكذب على نفسها. بالأمس أعلنت عن قيام تحالف أحزاب الشرعية ، هذا موقف لا يرى أي يمني فيه غير مهزلة ومزيد من صرف الأموال على من يستنسخون أسمائهم لكل المراحل ... إنه إعادة استنساخ الفشل والفساد تحت يافطة جديدة لايمكن وصفها إلا بمسرحية بلا مسرح ولا جمهور ولا نص .
ختاما.. بحثت عن وصف لهذا المشهد السياسي ووجدت كلمات رائعة ومعبرة للشاعر محمود درويش رحمة الله عليه حين قال :
لا أعلم من باع الوطن ..ولكنني رأيت من دفع الثمن.