أوقفوا هدر الطفولة بالإعلانات ومسابقات الرقص والغناء المبتذل.
12:06:27 AM 2019-06-08 منذ : 1997 يوم
أوقفوا هدر الطفولة بالإعلانات ومسابقات الرقص والغناء المبتذل.
إن أطفالنا هم أغلى ما فى الكون هم أحلامنا ومستقبلنا ولا قيمة لرحلتنا في الحياة بدون رعايتهم وتعليمهم وتهذيبهم وحمايتهم من أية مخاطر، وتنمية قدراتهم و مواهبهم اضافة إلى الوازع الأخلاقي لديهم ليساهموا في بناء مجتمع حضاري ومتسقر وآمن. فلا آمان لأي مجتمع تهدر فيه الطفولة او تنتهك حرمته وقدسية وبراءته، لكن للأسف الشديد،
فان أطفالنا صاروا نهباً لأشكال التجارة الرخيصة عبر استغلالهم بالاعلانات ومسابقات الجمال ومنافسات الرقص والغناء مما ينتهك طفولتهم صحيا ونفسيا ويعرضهم لمشكلات نفسية بنقلهم لعالم الكبار فجأة وبدون أية مقدمات مما يخل بتوازنهم العاطفي ويؤثر على تحصيلهم العلمي، بل قد يعرضهم للخطف والابتزاز والاعتداء الأخلاقي بعد اكتسابهم الشهرة.
وإذا كانت مافيا التجارة العالمية قد لعبت في طعامنا وجعلته مسمم ومهرمن ومسرطن وسكتنا ، فإننا لا ينبغي لنا بأي حال السكوت على ضياع أطفالنا لأنهم أغلى ما نملك من ذخيرة في هذه الحياة الدنيا.
وإنني أدق ناقوس الخطر من استغلال الأطفال عبر فضاءات الإعلام المغرية والمدغدغة للعواطف والمستجلبة لشهوات المال والشهرة، حتى نفيق وننقذ صغارنا من هذا الشيطان الذي قد يفتك بما تبقى لنا من براءة في الحياة. وكغيري ممن يتبنون رسالة حماية الطفولة في عالمنا العربي، أكبر خطيةـ من وجهة نظري ـ هي استغلال الأطفال في الدراما والمسابقات الغنائية والرقص المعاصر. حيث يذكر، أن إعلاميينا وصانعي الدراما في بلادنا يسيرون خلف الإعلام الغربي «حذو القذة بالقذة» فهناك أعمال درامية شهيرة يقوم ببطولتها أطفال تحت سن العاشرة، لاقت نجاحًا جماهيريًا في الغرب، فما كان من صناع السينما لدينا إلا أن دفعوا بالصغار أمام الكاميرات، ثم عقدوا لهم مسابقات الغناء والرقص، وكم شاهدنا هؤلاء الصغار وقد أصابتهم الصدمات والإحباط الشديد بعد إعلان خسارتهم أمام منافسيهم، وهو ما يمثل جريمة في حق هؤلاء الأطفال. وقد نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية إحصائية حول عدد الأطفال الأمريكيين الذين أصيبوا بأزمات نفسية بعد مشاهدتهم لهذه الأفلام وترددوا على عيادات الطب النفسي، حيث بلغ عددهم (29000) تسعة وعشرين ألف طفل.. فما بالنا نقلدهم في أعمالهم ولا نلتفت للآثار السلبية، ومن ثم لا نعالجها؟! وبعد هذه الإحصائية الأمريكية، فهل يعقل إن نلقي بأطفالنا إلى التهلكة ونحول مسارهم من التعلم بالمدراس إلى الإلتحاق بالمصحات النفسية؟!
خطورة برامج المواهب اتجهت المحطات الفضائية بدولنا العربية في السنوات الأخيرة لإنتاج برامج اكتشاف المواهب، ويجري اختبار الأطفال أمام لجان التحيكم مما يعرضهم للأذى النفسي حال فشلهم في اجتياز الاختبارات أو خلال مراحل المنافسة التي تنتقل بالطفل من مرحلة لأخرى.
وطبعا أصحاب المحطات الفضائية لا يهمهم سوى تحقيق الربح التجاري من خلال الاستعانة بهذه المواهب الصغيرة وتوظيفها في حفلات، ومهرجانات وغيرها. وعندما نقف نتأمل هذا الوجه الملائكي للطفولة وقد اكتسي مساحيق التجميل والشعر المستعار والوان البلياتشو ويخضع لأضواء شديدة لعدة ساعات ترهق الكبار فما بالنا بطفل ضعيف لم يكتمل نموه الجسدي والعقلي والنفسي بعد ؟!
أنني لا أجد أي مبرر عقلي أمام قبول الأهالي استغلال صغارهم في هذه الأعمال الفنية لأنها تندرج في النهاية ضمن الاتجار بالبشر وعمالة الأطفال، خاصة وإن هذه الأعمال تمثل ضغطا نفسيا على الطفل لكي يكون الأفضل والأجدر على المنافسة في الوقت الذي قد لايملك فيه مواهب حقيقة مما يعرضه لصدمات نفسية عنيفة وتحطم ثقته بنفسه وقد تشعره بالإهانة النفسية، مما قد يحوله إلى شخص عدواني تجاه المجتمع الذى اشعره باهانة الذات. بداية مشرقة وسط هذا الوحل الإعلامي، والغفلة الأسرية، أشرقت نقطة ضوء يجب إن تمشي كل الدول العربية على خطاها لحماية طفولتنا، اتخذت الكويت العام الماضي قراراً بمنع شبكات التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 13 عاماً لتلافي المخاطر، وملاحقة أولياء الأمور المستغلين لطفولة أبنائهم للإعلانات والشهرة وزيادة المتابعين، وذلك تفعيلا لقانون حقوق الطفل، وقانون الأحداث. ونصت الضوابط أيضاً على عدم استغلال الطفل تجارياً إلا في أعمال تجارية إيجابية «تكسب الطفل قيما تربوية وإنسانية مفيدة» وعدم نشر صور أو فيديوهات تنتهك خصوصية الطفل، أو لا تتناسب مع الآداب العامة، كما أنها تمنع الأهل من استغلال الطفل لإكسابهم الشهرة من «طريق الهوس بتصوير الأطفال ونشر المقاطع للفت الانتباه وإبداء الإعجاب وزيادة عدد المتابعين. نقطة نظام اعتراضي على انتهاك حرمة وبراءة الأطفال في برامج اكتشاف المواهب أو المسابقات وإعلانات لا يعني على الإطلاق إنني أقف موقفاً رافضاً للفن أو ضد مواهب الطفولة بل على العكس من ذلك تماماً ، فالفن والموهبة نعمة من نعم الخالق العظيم ، لكني أرفض الاستغلال السئ لهذه المواهب بما يخرج الطفولة من براءتها ومن اطارها النظيف والطاهر .
فكلنا شاهدنا أفلام زمان الأبيض والأسود التي استعانت بالأطفال وقدمتهم في صور فنية بديعة وهي تحافظ على براءتهم ، فقد شاهدنا فاتن حمامة ، وفيروز وهي تغني وترقص بكل براءة دون ابتذال او اثارة ، وتابعنا الأغاني التي قدمها الفنان القديم عبد المنعم مدبولي للأطفال مثل " بابا عبدو " وشارك فيها الأطفال ، وكذلك الأغاني التي قدمها فؤاد المهندس بمشاركة الأطفال وغيرهم وكلها أعمال فنية كتبت خصيصاً للأطفال وشاركوا في أدائها في إبداع فني يحافظ علي طهارتهم ، ولذلك حافظت على بقائها في وجدان أجيال عديدة .
ففي الزمن الجميل أيام الأبيض الأسود كان الآباء يرسلون أطفالهم لأداء بعض الأدوار الفنية في الأفلام والمسلسلات خلال العطلة الصيفية وليس أيام الدراسة المدرسة ، اما فقد اختلط الحابل النابل ولم الآباء يفكرون سوى بالشهرة والمال علي حساب تعليم صغارهم وتهذيبهم .
فكم أصدم عندما أشاهد أطفالاً يرتدون ملابس النساء الكبار بميكاج كامل ويقدمون أعمالاً للكبار دون مراعاة لسنهم واحيتاجاتهم العقلية والنفسية والوجدانية ، بل أنني صدمت بإحدى الفنانات الصغيرات بالخليج العربي بدأت طفلة بلبسها غير الملائم ومكياجها وشعرها وطريقة غنائها ورقصها وهي اليوم في سن المراهقة وللأسف صارت قدوة لكثير من الأطفال ،وأجزم إنها قد أفسدت جيلاً كاملاً من الأطفال خلال تقديمها لأغاني الكبار والتي لا تناسب سن الصغار.
أجدد التأكيد على أنني ضد استغلال الأطفال في ترويج السلع التجارية ، واستغلالهم في مسابقات الغناء وهم يظهورن بملابس وميكاج غير لائق لعمرهم وهم يقدمون أغاني للكبار لا تناسب طفولتهم ، وفي المقابل فإني أدعم كل ما من شأنه إن يدعم مواهب الاطفال عبر اعمال فنية تكتب وتلحن خصيصا للأطفال ،وأكرر لست ضد الفن الشريف النظيف ، والبعيد عن أي شبهة أخلاقية أو ابتذال ، ولذلك يجب علينا إن ندعم كل شاعر أو ملحن يكتب ويلحن للصغار ، كما ينبغي دفع منتجي برامج المواهب إن ينوعوا في هذه البرامج بحيث تعمل على تقديم واكتشاف الأطفال الموهبيين في مجالات الإبداع المختلفة كالشعر والقصة والموسيقى والفن التشكيلي والرياضه وغيرها من من مجالات الإبداع الذي يناسب الطفولة .
وفي تقديري ايضاً إن المراكز الثقافية وقصور الثقافة المنتشرة في أقطارنا العربية عليها إن تقوم بدور رئيسي في اكتشاف مواهب الصغار الفنية المتنوعة وتعمل على تنميتها وتقيم المسابقات حولها على إن تضفي علي هذه المسابقات لمسة إعلامية عبر بث هذه المسابقات والكشف عن هذه المواهب عبر برامج التلفاز الوطنية الحكومية وعبر قنوات اليوتيوب وغيرها من وسائل الإتصال الحديث . وختاماً اتمنى إن لا تسرق الأضواء الطفولة البريئة بسبب طمع الأهل وحشرية المجتمع