الأزمة الاقتصادية تمثل خطورة على قيم الطفل العربي
3:40:30 AM 2019-05-20 منذ : 2016 يوم
الأزمة الاقتصادية تمثل خطورة على قيم الطفل العربي
يلعب الوضع الاقتصادي للأسرة دوراً مهما في نشأة الطفل وتكوين طبقته الاجتماعية وفي نموه العقلي والنفسي والاجتماعي، حيث يؤثر الوضع المالي للأسرة في تنشئة الأطفال على مستويات عديدة تتصل بالنمو الجسدي والذكاء والنجاح المدرسي وأوضاع التكيف الاجتماعي.
والوضع الاقتصادي المريح للأسرة يضمن لأبنائها حاجاتهم المادية من غذاء، وسكن، ووسائل ترفيهية من ألعاب، ورحلات علمية، وامتلاك الأجهزة التعليمية كالحاسب، والفيديو والكتب، والقصص، كما يوفر متطلبات الصغار لتنشئة اجتماعية سليمة يشعر فيها الصغير بالأمان والطمأنينة وهو الأمر الذي يسهم في تقوية ووحدة وتماسك.
بينما قد تعجز الأسر فقيرة الموارد المالية عن توفير الحاجات الأساسية للطفل خاصة فيما يتصل بامكانيات التحصيل العلمي، والمعرفي ناهيك عن إن وجود أي نقص مالي أو عوز يؤذي الصغار في مشاعرهم الداخلية وقد يتسبب في شعورهم بالحرمان والدونية، بل انه قد يدفع في بعض الأحيان بعض الصغار الى السرقة والحقد على المجتمع.
يتنامى احساس الأطفال بالنقص عندما يضطر ذويهم الى الدفع بهم لسوق العمل مبكراً لمساعدة الأسرة وهو ما يشعر الأطفال بالحرمان رعاية طفولتهم كما يحرمهم من فرص تربوية وتعليمية وترفيهية متاحة لاقرانهم ميسوري الحال.
الطفل العربي
حظي الطفل العربي برعاية شاملة في فترات الوفرة المالية والاستقرار الامني والسياسي خاصة في دول الخليج وقبل الأزمة المالية العالمية انعكست في توفر وسائل الإشباع المادي والمعنوي والترفيهي والتعليمي، غير ان اوضاع الطفل العربي قد تغيرت كثيرا مع الأزمة الاقتصادية التي طالت معظم دولنا العربية، بجانب الازمة الأمنية الناتجة عن الحروب والصراعات والتي فقدت فيها كثير من الأسر عائلها واضطر كثير من الأطفال فيها للخروج المبكر إلى سوق العمل كما هو الوضع في العراق واليمن وسوريا، بينما دفعت الأزمة الاقتصادية وزيادة البطالة في مصر والسودان وغيرهما إلى خروج الأطفال للعمل المبكر لمساعدة الأسرة على نفقات الحياة.
وحتى الطفل في دول الخليج بدأ يعاني من تقلص الفرص والمكاسب التي محققة له، بسبب ارتفاع الأسعار والسلع وزيادة الرسوم والضرائب على الخدمات الأمر الذي أثر سلباً على قدرة الأسرة على الإدخار أو الاستمتاع بالترفيه مما اضطر الأسر للتخفيف من نفقات كثير من احتياجات المعيشة مثل الغذاء، أو الصحة، أو التعليم، والتنزه أو الملابس.
توقعات مخيفة
ومع تواصل الازمة الاقتصادية التي يتوقع خبراء الاقتصاد إن تتعمق وتزاد خطورة مطلع 2020 ،وإن الأجيال المقبلة ستتعرض لعلميات إفقار تعرض الأطفال للخطر في حالات الركود الاقتصادي، لأنهم قد يُنتزعون من المدارس للعمل أو رعاية الأسرة أو يعانون سوء التغذية عندما تشح الأغذية، ومن ثم تؤثر سلبا على نماء الطفل وإمكانياته في المستقبل.
وفي 2014 أكد التقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أن الأطفال قد تأثروا بشكل كبير من الأزمة المالية في الدول الغنية ومن تدابير التقشف التي اتخذت لمعالجة الأزمة.
وزاد عدد الأطفال الفقراء في الدول المتقدمة بالغرب وكافة أنحاء أوروبا والأميركيتين وآسيا بنسبة 2.6 مليون بين عامي 2008 و 2012، أي زيادة زيادة العدد الإجمالي ب 76.5 مليون نسمة.
وتدهور الوضع بشكل خاص في أيسلندا واليونان ولاتفيا وكرواتيا وأيرلندا، حيث ارتفعت معدلات الفقر بين الأطفال بأكثر من 10 بالمئة. وأشارت اليونيسيف إلى أن هذه المشكلة تلحق الضرر بالميزانيات الاجتماعية و"تضعف التماسك الاجتماعي".
معالجة مخاطر الفقر
وقد أثبتت الدراسات المتخصصة إن الفقر والعوز يلعبان دورا رئسيا في حدوث الانحراف الاجتماعي. والفشل الاقتصادي لأسرة وعدم مقدرتها في الحصول على الدخل الذي يلبي احتايجاتها المعيشية وينعكس سلباً على تنشئة أبنائها، كما يؤدي بولي الأمر غالباً إلى الهروب من المسؤوليات الأسرية وفقدان الثقة بالنفس.
أمام تنامي الازمات الاقتصادية في العالم، فان حكومات عالمنا العربي مطالبة بالإسراع في وضع خطط اقتصادية تنموية تستفيد فيها من تجارب بعض الدول التي حققت نهضة اقتصادية سريعة ومتطورة مثل الصين وسنغافورة، والعمل على تطوير الصناعات الصغيرة واستثمار الميزة النسبية لكل دول عربية في اية مواد خام او ثروة معدنية او زراعية او مقومات صناعية وتطويرها في استقطاب عدد اكبر من الايدي العاملة.
وتكتسب أيضاً عملية تغير ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا العربي بشكل جذري بحيث يعتاد الصغار من الطفولة على طلب ما تستطيع الاسرة شراءه وهو ما يتطلب غرس القناعة في نفوس الصغار ومحاورتهم بشأن الاولويات الضرورية التي يجب على الاسرة شراؤها، وهو ما يعود الطفل على المشاركة داخل الأسرة.
ولاشك اننا مطالبون بغرس مجموعة من القيم الاقتصادية داخل نفوس أبنائنا في مقدمتهم غرس قيمة الادخار وتعويد الطفل على المحافظة على المال من خلال شراء حصالة له يضع فيها مدخراته.
و الأهم من كل هذا تطوير خطة اقتصادية في حكومات دولنا العربية بتوفير أساسيات الحياة من البنى التحتية و من متطلبات الحياة الرئيسية من مأكل و مشرب و سكن و تعليم على إن يكون بمستوى يرقى للاستخدام البشري و بمتناول يد كافة المواطنين