حين تدعي ايران انها لا تريد الحرب وتفاوض بلباس عسكري!
11:40:45 PM 2019-06-16 منذ : 1989 يوم
حين تدعي ايران انها لا تريد الحرب وتفاوض بلباس عسكري!
(الشرق الأوسط):تسارُع الأحداث إلى أين سيقود؟ هل سيقود إلى طاولة المفاوضات؟ فأين نحن منها؟ وهل سيقود إلى توجيه ضربة إلى إيران؟ وأين نحن منها؟
مقولة «لا أحد يريد الحرب» الجميع متمسك بها إنما وحدها إيران التي تتصرف باتجاه الحرب، وحتى اللحظة السعودية متمسكة بضبط النفس لأسباب يجب تحديدها حتى لا يساء فهمها.
أولاً، من المؤكد أنها قادرة على أن تشعل الأرض تحت الحوثيين فلا تبقي ولا تَذَر، ولكنها تتجنب قدر استطاعتها إصابة المدنيين فتُحجم عن إنهاء هذا العبث بقوة تدميرية تملكها.
ثانياً، هي تضبط النفس تجاه إيران لأنها تفضّل الضغط على هذا النظام من خلال العقوبات التي تضيّق الخناق عليه، وتلك سياسة حكيمة، فما تستطيع أن تكسبه من دون حرب هو نصر لك ولجميع من حولك.
ماذا عن إيران؟
إيران تعرف أن العقوبات الاقتصادية إن طالت فإنها ستستنزف رصيدها الشعبي أكثر مما ستستنزف أموالها، وما تبقى من احتياطيها وغطائها المالي، لذلك تريد أن تُنهي موضوع التفاوض الآن إنما بشروطها، فأخطر ما تخشاه إيران هي زيادة العقوبات وطول مدتها.
النظام الإيراني قائم على نظرية الحاجة والضرورة الإلهية كعقد بينه وبين شعبه، فإنْ تعرضت إيران لخطر عسكري فسيعمل النظام على جمع والتفاف الشعب حوله في مواجهة هذا الخطر وسيستغلّ العاطفة الدينية بادّعاء المظلومية لتحريض شعبه وأتباعه ضد المصالح الأميركية والخليجية.
ما تقوم به إيران من استفزازات تهدد بها الأمن الدولي والممرات الدولية رسالة تقول من خلالها «إنْ لم أصدّر أنا النفط فلا أحد غيري سيصدّره»، ومن خلاله تستجدي تدخلاً لأطراف ثالثة ورابعة اليوم قبل الغد إن أمكن تدعو فيه إحدى الدول الأوروبية أو روسيا لمؤتمر على شاكلة مؤتمر سوتشي أو مؤتمر استوكهولم تحت عنوان «نزع فتيل التوتر» ليكون بديل لطاولة المفاوضات الثنائية الأميركية الإيرانية.
علناً إيران تنكر ضلوعها في هذه الأعمال، وتدّعي أنه لا علاقة لها بالمقذوف الذي أُطلق على مطار أبها أو بالألغام أو الطوربيدات التي فجّرت ناقلات النفط في الخليج العربي أو في بحر عُمان.
وعلناً تقول إيران إن المفاوضات ستقتصر -إن حدثت- على اتفاقها النووي، ولن تشمل برنامجها الصاروخي ولا مناطق نفوذها.
الدول الأوروبية بدأت تتحدث لأول مرة عن ضرورة وقف البرنامج الصاروخي ونشاط إيران المقلق في المنطقة، ذلك تقدُّم أحرزته الدبلوماسية العربية والدبلوماسية الأميركية قد لا يكون بالدرجة المطلوبة، فالمصالح التجارية الأوروبية الإيرانية ما زالت لها اعتباراتها التي تمنع دولاً مثل ألمانيا وفرنسا من التشدد مع إيران، وهذا يتطلب مجهوداً مضاعَفاً يربط مصالح هذه الدول معنا باستحقاقاتنا الأمنية.
أما أميركا ففرضت 12 شرطاً للتفاوض؛ أوفدت رئيس وزراء اليابان برسالة أثارت حنق خامنئي ورفضها، فإيران لا تريد أن تنفرد أميركا بها دون حلفاء يخلخلون الموقف الأميركي المتصلب.
أخطر ما في الأحداث أن أميركا وجّهت أصابع الاتهام مباشرةً إلى إيران بمسؤوليتها عن التفجيرات التي وقعت على ناقلات النفط عبر جميع مسؤوليها، سواء من الخارجية أو البنتاغون الذي قام بنشر فيديو القارب الإيراني، ووضع ترمب جميع معارضيه من الديمقراطيين أمام تحدٍّ كبير، وهو مؤشر وتقدم مهم في الأحداث.
السؤال هو: إذا استمرت إيران في الاستفزاز والضغط... أين نحن من أي اتجاه ستتجّه إليه الأحداث؟
فإذا اتجهت الأحداث إلى طاولة تفاوضات كيف سنضمن مقعدنا؟ أو كما قال الشيخ عبد الله بن زايد في مؤتمره مع وزير الخارجية الألماني، الأسبوع الماضي، ألا يجب أن تكون هناك محادثات ولا تفاوضات مع إيران إلا بحضورنا.
هذا الاستحقاق يجب أن نعمل على ضمانته وربطه بمصالح الأطراف الأخرى، فصواريخ وألغام وطوربيدات وطائرات إيران المسيّرة موجهة إلينا، ومن الخطأ تكرار ضياع الفرصة مثلما حدث مع إدارة أوباما التي رفضت رفضاً باتاً ضم النشاط الإرهابي في مفاوضاتها. وماذا إذا وجّهت إحدى الدول الأوروبية دعوة لاجتماع يضم الأطراف المعنية بغية التهدئة ونزع الفتيل؟ هذا ما يجب أن نستعدّ له وننسّق مع الموقف الأميركي مسألة قبوله أو رفضه.
يبقى السؤال: هل سينفد صبرنا وصبر إدارة ترمب نتيجة تصاعد الاستفزازات، ونتخذ قراراً بتوجيه ضربة عسكرية؟ وإنْ حدث فأين ستكون؟ هل ستوجه إلى وكلائها، مع الأخذ في الاعتبار أن الدور الأميركي في اليمن مقتصر حتى الآن على مواجهة «القاعدة» لا الحوثيين؟
أم سنصمد ونعتمد على إطالة أمد العقوبات الاقتصادية حتى يجلس حينها الطرف الإيراني صاغراً قابلاً بأكثر الشروط؟ المهم إنْ ذهبنا للتفاوض فيجب ألا نكرر أننا لا نريد الحرب، بل فاوض وأنت ترتدي لباس الحرب حتى لا تخسر أهم أوراقك التفاوضية.