عدن(جهاد الهاجري):- يعيش الشارع الجنوبي اليوم مرحلة حرجة جداً وتخوف من فشل مفاوضات جدة، وعودة التصعيد العسكري من قبل قوات ميليشيا الإخوان التي تتحرك في إطار ما يسمى بالشرعية.
وما يفاقم تلك المخاوف هي التصريحات المتناقضة حول نتائج حوار جدة، خاصة وأن إعلام الشرعية التضليلي يصور مخرجات الحوار بأنها انتصار مؤزر له، وهزيمة للمشروع الإماراتي على حد زعمه.
ورغم أن إعلام الإخوان بات مفضوحاً للجميع، إلا أن مؤشرات عودة الشرعية إلى عدن تحت أي ذريعة، تعتبر مصدر خوف وقلق للشارع العدني، والجنوبي بشكل عام.
فالشرعية كانت في عدن طيلة الخمس السنوات الماضية، ولم تجلب لسكان العاصمة إلا القتل والإرهاب والفقر وتردِّي الخدمات الأساسية، علاوة على ذلك فقد عملت على إحباط أي جهود للتنمية والاستقرار من قبل الجهات الجنوبية المخلصة.
حيث يصنف إعلام الشرعية أن أي مبادرات وطنية لإنهاء معاناة الجنوبيين خيانة عظمى، وتتهم دولة الإمارات العربية المتحدة بالوقوف وراءها، إضافة إلى حرب الإشاعات المغرضة التي تبثها ليل نهار لإفشال مشاريع التنمية والأمن التي عجزت الشرعية عن تحقيقها في المحافظات الجنوبية.
وإذا كان الإرهاب الإخواني لا يزال يضرب العمق الجنوبي، رغم مرور أشهر على طرده منها، فإن ذلك الإرهاب سيتعاظم إذا ما أصبح للشرعية موطئ قدم مجدداً في العاصمة الجنوبية عدن.
فميليشيا الإخوان كلها شر مطلق، ولا أمل أمام أي طرف في استصلاحها وإعادة تدويرها من أجل خدمة الصالح العام، فهي حالة ميؤوس منها محلياً ودولياً.
وإذا ما رجعنا للماضي القريب، فسنرى أن تاريخ الاتفاقات مع الإخوان انتهت كلها بالفشل، لسببين رئيسين هما.
أن ثقافة الإخوان ترى في اتفاق مبرم مع خصومها هو مجرد نوع من المناورة السياسية المؤقتة، ورأينا ذلك في اتفاق المبادرة الخليجية الموقعة بينهم وبين رئيس النظام السابق في صنعاء.
السبب الثاني هو أن الشماليين عموماً لا يلتزمون بأي اتفاق يوقعون عليه، حالهم حال الإخوان، ورأينا ذلك في حقبة التسعينات عندما وقعوا اتفاق الوحدة مع الجنوب، وانتهى باحتلالهم له بالقوة.
فالجنوب خاسر لا محالة في علاقته بالشمال، وأي التزامات من قبل الشماليين ستظل حبراً على ورق، والواقع يشهد بذلك عبر التاريخ.
ولا يجب أن ننخدع بتبادل الأدوار بين القوى السياسية الشمالية، فكلها شاركت في سفك دماء الجنوبيين ونهب ثرواتهم، وأي تضامن يبدونه معنا فهو مجرد تبادل أدوار، وتضليل سياسي له أبعاد عميقة، أقلها إعادة انتاج وتدوير الوحدة بكل ما تعنيه من بؤس بين البلدين.
ولا يتجرأ أي طرف شمالي مهما ادعى تعاطفه مع القضية الجنوبية، أن يتبرأ من الوحدة، أو يعترف بفظائعها بحق الجنوبيين، فكل طرف شمالي يزعم أنه بريء من تبعات الوحدة، ويرمي كل ذلك على الطرف الآخر ضمن سلسلة مفضوحة من تبادل الأدوار بين عصابات الشمال الإجرامية.
وكل ما يسعون له اليوم، هو الالتزام بتعهداتهم للتحالف بمحاربة الحوثيين، ولكن ليس بدمائهم هم، بل بدماء المقاتل الجنوبي، لذى يحرصون على بقاء الجنوب ضمن الإطار العام للوحدة لهذا السبب لا أكثر.
وهم برفضهم القتال ضد الحوثيين، يقرون أن هناك تواطؤ بينهم وبين وكلاء إيران، لذى يفضلون أن يتنحوا بعيداً عن القتال في الميدان، والاكتفاء بتصريحات نارية فقط ضد الحوثي.
فالشمال لم يحمل في تاريخه للجنوب إلا الشر، ولم يتحقق لنا من الوحدة المشؤومة معهم إلا الخراب والدمار وتشريد آلاف العائلات الجنوبية من أرضها.
ولن يتحقق لنا من استمرار تلك الوحدة إلا المزيد مما لقيناه خلال ثلاثة عقود من الخراب، أما خيراتنا فهي لهم من دوننا، وشرهم لأولادنا دون أولادهم.