رام الله(خاص):- عقد تجمع المحامين الديمقراطيين وبالتعاون مع مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية ( حريات) ندوة بعنوان (القضاء الفلسطيني واقع وتحديات ) في قاعة الغرفة التجارية برام الله بمشاركة مختصين قانونيين وبحضور حشد من الفعاليات والقوى والهيئات القانونية ومؤسسات حقوق الانسان وأعضاء من المجلس التشريعي المنحل.
من جانبه قدم المستشار أسامه الكيلاني رئيس جمعية نادي القضاة وقاضي المحكمة العليا سابقا عرضا حول القرارين بقانون رقم (16) و (17) الصادرين عن الرئيس ابو مازن بتاريخ 15/7/2019 بشأن حل مجلس القضاء الأعلى وتخفيض سن التقاعد للقضاة من 70 سنة الى 60 سنة ، وفي هذا السياق اشار الكيلاني أن هذين القرارين مخالفان للقانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003م وقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002م، وتم إصدارهما بدون علم وأخذ رأي مجلس القضاء الأعلى المنحل، وأشار أن القضاة لديهم قناعة باحداث اصلاح في الجهاز القضائي والنهوض باوضاعه ووضع حد للتدخل في شؤونه من قبل السلطة التنفيذية، وأضاف ان الخطير في قرارات الرئيس هو شرعنة التدخل في شؤون القضاء بموجب القانون، ورأى المستشار الكيلاني أن اصلاح القضاء يجب أن يتم وفق رؤية شاملة يشارك فيها بالأساس القضاة أنفسهم إلى جانب كل الجهات ذات العلاقة بقطاع العدالة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي هذا السياق أشار أمجد الشلة إلى أن موقف نقابة المحامين دائما مع إستقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه، وأكد أن نقابة المحامين أعلنت موقفها من القرارين بقانون الصادرين عن سيادة الرئيس، حيث أنها لا تتفق مع القرار بقانون رقم (16) المتعلق بتخفيض سن التقاعد، أما بشأن القرار بقانون رقم (17) المتعلق بحل مجلس القضاء الأعلى، فقد رحبنا به باعتبار أن واقع القضاء وصل إلى مرحلة تستدعي إصلاحه لكن بشرط ضمان إستقلالية القضاء وعدم التدخل في شؤونه، وترى نقابة المحامين أن المطلوب من مجلس القضاء الأعلى الإنتقالي القيام بخطوات نوعية باتجاه عملية الإصلاح وتمكينه من ذلك، وأشار أن نقابة المحامين مع كل إحترامها وتقديرها للسادة القضاة، تعتقد أن من سمح للسلطة التنفيذية من التغول على السلطة القضائية والتدخل في شؤونها هم القضاة أنفسهم ويتحملون جزء من المسؤولية.
وأشار ماجد العاروري المدير التنفيذي للهيئة الاهلية لاستقلال القضاء الى ان قرارات الرئيس تمثل فرصة تاريخية يجب إستثمارها لصالح عملية الإصلاح في جهاز القضاء ، الأمر الذي يتطلب دعم واسناد مجلس القضاء الأعلى الإنتقالي والرقابة عليه لعل وعسى أن يتمكن من القيام من عملية الإصلاح ، وقال العاروري أنا أتفق أن ما جرى من إصدار الرئيس للقرارين بقانون هو مخالفة لأحكام القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، لكن وأمام حالة الإستقطاب والصراعات ومراكز النفوذ في أوساط القضاة ورجال السياسة والمال والأعمال، من الصعب أن يقوم جهاز القضاء بنفسه بالقيام بعملية الإصلاح، وبالتالي كان لا بد من التدخل وإجراء عملية جراحية للخروج من الأزمة التي يعاني من القضاء للتخلص من بعض مراكز النفوذ في الجهاز القضائي، مع التأكيد أن ذلك لا ينسحب على العديد من السادة القضاة ذوي السمعة والسيرة الحميدة،
ومن جهة أخرى أكد حلمي الأعرج المدير التنفيذي لمركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية على ضرورة بلورة رؤية وطنية ومجتمعية للخروج من الأزمة التي يعاني من الجهاز القضائي الذي بالتأكيد بحاجة إلى إصلاح بما يضمن إستقلاليته وعدم التدخل في شؤونه من قبل السلطة التنفيذية، وأشار إلى أهمية الذهاب إلى انتخابات عامة لتجديد الشرعيات وانتخاب مجلس تشريعي صاحب الصلاحية والإختصاص الأصيل في إقرار التشريعات أو تعديلها أو إلغائها.
وأشار توفيق حرزالله سكرتير تجمع المحامين الديمقراطيين الى أن القرارين بقانون الصادرين عن الرئيس ابو مازن لا يندرجان تحت إطار حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير أو التأجيل بموجب المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني التي منحت للرئيس صلاحية إصدار قرارات بقانون في غير أدوار إنعقاد المجلس التشريعي، واعتبر حرزالله، تلك القرارات خطوة متسرعة تشوبها علامات إستفهام وشكوك مشروعة من شأنها خلق مزيد من الأزمات والتحديات والصعوبات التي يعاني منها جهاز القضاء الفلسطيني ، وتشكل مصدر قلق شديد على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث " التشريعية والتنفيذية والقضائية" باتجاه وضع اليد عليها من قبل السلطة التنفيذية وفسح المجال الى مزيد من الهيمنة على السلطة القضائية والتدخل في شؤونها، وأكد حرزالله أن إصلاح وتطوير وتحديث القضاء الذي نتفق مع ضرورته وضمان إستقلاليته وحياديته ونزاهته، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إجراء انتخابات عامة " رئاسية وتشريعية " ينتج عنها مجلس تشريعي منتخب من الشعب يأخذ على عاتقه الشروع في عملية الإصلاح المنشودة للسلطة القضائية من خلال ما تبلوره وتقدمه بالأساس السلطة القضائية من توجهات وآراء إلى جانب المقترحات والتصورات الأخرى التي خرجت بها اللجان المشكلة لهذا الغرض سواء من قبل جهات رسمية أو من قبل مؤسسات المجتمع المدني.
وبعد تقديم المداخلات فتح المحامي ابراهيم ذويب عضو سكرتاريا تجمع المحامين الديمقراطيين ، الذي أدار الندوة المجال للحضور لطرح آرائهم واستفساراتهم حول قضايا قانونية مهمة اثارتها قرارات الرئيس المتسرعة والتي كان بالإمكان طرحها على المجلس التشريعي المنتخب القادم ، لتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث " التشريعية والتنفيذية والقضائية".