عدن(عرب برس):- من هو الإعلامي؟ مفردة أصبحت رائجة بالوقت الحديث خاصة بظلّ إنتشار مواقع التواصل الاجتماعي ... والملفت إن توصيف" الفرد"بها وصل إلى حد البذخ .. بينما هناك تفسيراً لدى عالم الصحافة إن الإعلامي كل من تكون مهنته تأليفاً أو إعداداً أو تحريراً أو تحليلاً أو جمع المعلومات بغية نشرها في وسيلة إعلامية قانونية أو مهنية حصد على توصيف " مصدر" بحسب ما تناوله أكاديمية الصحافة والإعلام.
وهناك"بعض "كتّاب الرأي من أصحاب المهنة انتقدوا بذخ التوصيف في الآونة الأخيرة..خاصة إنها وصلت إلى مرحلة عدم احترام مهنة الإعلام وبآت توصيف كل فردٍ يزاول كتابة الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي بإعلامي .، بينما بعضهم لا يستطيع تقويم جملةً سليمة وخالية من الأخطاء اللغوة والإملاء وإيصال الفكرة أو صياغة الخبر وفقاً لقواعده الستة المتفق عليها لدى حقل الصحافة .
والملفت في هذا المجال إن الذباب الإلكتروني أصبح توصيفه بالإعلام حتى وصل الإشكال إلى فقدان المهنة رونقها والرتابة والمصداقية المحترفة في مفاهيم الإعلام.
وأصبح هناك خلطاً بين توصيف " إعلامي/صحفي/كاتب رأي/مغرد/مفسفس/مؤلف/أديب/مثقف".. ويعزز هذا الخلط إن مشاهير "السوشيال ميديا "هم سبباً في إضطراب مفاهيم الإعلام والمصطلحات والمفردات .. وفُقدت حركة النقد للأعمال من خلال إنعدام النقد البناء وخلو الساحة من إعادة برمجة عقل القارىء ووضع المصطلحات والمفردات في مكانها الصحيح.
حوارات
دار حديثاً مع مجموعة من الصحافيين أصحاب مهنة صياغة الخبر والتقرير والاستقصاء " حول مفردة إعلامي "وكانت خلاص الحوار إن الصحفي براء من توصيف مهنته بالإعلامي وشتان بين صحفي وإعلامي.. مؤكدين إن توصيف صحفي هو الإنتماء إلى ما أطلق عليها صحافة وهي مصدراُ للخبر أو التقرير أو الاستقصاء ولديه عنواناً يدّل على تواجده في هذا الحقل الزاخر بتشكيل الأخبار وإثارة القضايا وأيضاً يُقدم عملاً يخدم جهات مهنة حقوق الإنسان وأيضاً معلومات حركة الساحة إلى صنّاع القرار وسحبهم إلى الساحة نحو التقرير .. ويُعتبر الصحفي مراقب للأداء ورفع المظلومية إلى الجهات المختصة عبر مصدره وعنوانه.
بينما مفردة إعلامي هي مصطلحاً عاماً وفي تفسيرها هناك اضطرابات واختلافات حول معاني هذه المفردة .. وبحال وِصف بها شخصاً ما يُفترض إيجاد عنوانه المهني من خلال صياغة الأدلة التي تعطيه توصيفاً صحيحاً وبالتالي الفرق كبيراً بين توصيف إعلامي وصحفي .. بينما الأخير هو أكثر عملاً في مجال أحداث الساحة وصياغتها وترتيب القضايا وفقاً لأداء بدرجات متفاوته بحسب قدرة التطوير والاحتراف لديه والعمل وفقاً لآلية محددة تستهدف الأحداث والقضايا من خلال عنوان واضح .
آراء نقد
كتب "أ.د.فهد العتيبي"في مارس 2019 عبر منصة صحيفة الرياض السعودية رأياً حول هذه الظاهرة تحت عنوان " من هو الإعلامي " انتقد من خلاله البذخ الذي روّج من خلال السوشال ميديا .
وقال" قد يستغرب البعض طرح السؤال في عنوان هذا المقال؟ ولكن من يرى كثرة من يصفون أنفسهم بهذا الوصف يجد نفسه أمام صعوبة في تحديد هوية الإعلامي. حيث أفرز التطور في وسائل التواصل الاجتماعي اتساعاً كبيراً في الشريحة البشرية التي أصبحت ترى نفسها ضمن الإعلاميين دون توافر المقومات التي نعرفها والتي تعطي الإنسان المشروعية في حمل هذا اللقب.
وأضاف"حيث تعلمنا أن الإعلامي هو من يقوم بنقل الخبر عن طريق عمله في مؤسسة إعلامية معروفة وكانت غالباً المؤسسات الصحفية. وهذا ما جعل القاموس الحديث للغة العربية يعرف الإعلامي أنه من يقوم بنقل الخبر. ومع اتساع المعرفة وظهور الحاجة للتخصص أصبح من المفضل أن يكون الإعلامي من خريجي كليات الإعلام. ولكن مثل هذه المعايير اختلفت اليوم، فبمجرد شراء أحدهم جوالاً حديثاً أصبح يقدم نفسه كإعلامي.
منوهاً" والمصيبة أن هناك من يستضيفهم في المؤتمرات والاجتماعات وورش العمل وفي الحفلات الباذخة ليتقاضوا مبالغَ كبيرة، فمن أعطاهم الحق بهذا الوصف؟ وما قانونية ما يتقاضونه من مبالغ دون رقابة؟
مطالباً" لعل وزارة الإعلام تجيبنا على هذه الأسئلة، وتضع ضوابط لهذه المسألة من خلال فرز هذه الأعداد الكبيرة وتصنيفها حماية للإعلام الحقيقي وحفاظاً على الإعلاميين الحقيقيين.
بينما الكاتب"موسى الجمل " قال آراء عبر منصة صحيفة الحياة بتاريخ 10 سبتمبر 2016 تحدث حول لفظة إعلامي وكان نقداً حاداً ، ربما وصل به الحال عدم تحمّل بذخ التعاطي مع المفردة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وقال تحت عنوان من هو الإعلامي؟
وأوضح قائلاً"لا أعرف من ذا الذي اخترع هذه «اللفظة». والحمدلله أني لا أعرف، فعدم المعرفة هنا، معرفة. لكن ما أعرفه أني ما سألت صحافياً، أو «شبه صحافي» عن مغزى وصف نفسه بـ «الإعلامي» إلا وأرتبك. والارتباك هنا معرفة، بل فيه كل المعرفة. وهذه «الرعشة» تحدث لا إرادياً، لأن الكلمة لا تستند إلى أي مسوغ لغوي أو مهني أو أكاديمي، اللهم إنها فقط «برستيج اجتماعي» فرضته «أناقة التكنولوجيا»، و «إتيكيت» وسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع "وعلى المستوى المهني، فإن أي عامل في نقل المعلومات العامة ضمن مؤسسة صحافية تعنى بالشأن العام اسمه صحافي، بغض النظر إن كانت هذه الوسيلة إذاعة أو تلفزيوناً أو إنترنت. وإن أردنا أن نكون دقيقين أكثر، آخذين في الاعتبار عامل اللغة، فإنه يمكن إطلاق مسميات إذاعي وتلفزيوني وصحافي، على العاملين في الإذاعة والتلفزيون والصحيفة على التوالي. ولأن هذا لا يستقيم لغوياً في ظل تطور وسائل النقل المعلوماتي بما يسمح لنا القول مثلاً صحافي إنترنتي، أو صحافي فايسبوكي أو صحافي تويتري، فكانت الرغبة في «إراحة الدماغ» وإطلاق اسم صحافي على هذا الكل.
وأضاف"ولما كان الأساس في الممارسة الصحافية -أياً كانت الوسيلة- الكتابة والتحرير، فإن ولادة الصحافي من رحم الصحافة منذ البدء إلى الآن كانت ولا تزال طبيعية، إلا إذا أردنا إقحام مبضعنا في أحشاء المهنة، حينها علينا أن نقبل بالنتائج، حتى وإن أدى ذلك إلى قتل الجنين، وما الجنين هنا إلا الصحافي.
موضحاً"وعلى الصعيد الأكاديمي، فإن كلمة الإعلامي لا تعرفها أي من قواميس مدارس الصحافة وكليات العلوم الإنسانية التي تدرّس الصحافة. من هنا تجد أن السواد الأعظم من هذه المدارس والكليات تختار لنفسها اسم الاتصال الجماهيري. وفي رحاب الأكاديميا يعرف دارسو الصحافة، ومنهم من يلقبون أنفسهم بـ «الإعلامي»، كم أن هذه الكلمة مثيرة للضحك والسخرية في النقاشات الدائرة داخل غرف الدرس. والشيء نفسه ينسحب على غرف الأخبار الجادة والرزينة التي تميل بقوة إلى التعامل مع الأشخاص بأسمائهم، لا بأوصافهم ومسمياتهم. فكلمة «الإعلامي» ليست مهنة بذاتها، ولا هي اسم صحيح للشخص العامل بالصحافة، بل هي كلمة أقرب إلى صفة له، وهي مسمى وليست اسماً لشخصه.