المنامة (رويترز) - قال مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر يوم الأربعاء إن القضايا الاقتصادية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن حلها وإنه سيطرح خطة سياسية عندما يكون الوقت مناسباً.
وقال كوشنر للصحفيين بعد مؤتمر المنامة الذي ناقش خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية وقيمتها 50 مليار دولار ”بحضور وزراء المالية ورجال الأعمال... استطعت جمع الناس الذين يرون الأمر مثلما أراه، وهو أنه مشكلة يمكن حلها اقتصاديا... اعتقدنا أن من المهم طرح الرؤية الاقتصادية قبل الرؤية السياسية ... لأننا بحاجة لأن يرى الناس كيف يمكن أن يكون المستقبل“.
رفض الفلسطينيون خطّة كوشنر
عبر الفلسطينيون عن سخطهم ورفضهم لخطة اقتصادية حجمها 50 مليار دولار كشفت عنها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين فيما سعت واشنطن يوم الأربعاء لحشد الدعم للخطة كأساس لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود.
ولم يحضر أي من الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية الاجتماع الدولي في البحرين الذي رتب له جاريد كوشنر كبير مستشاري ترامب وصهره.
ويرفض الفلسطينيون وكثير من العرب الآخرين خطة كوشنر ويرون أنها عديمة الفائدة بدون حل سياسي يستند إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وأبلغ كوشنر الصحفيين يوم الأربعاء بأن فريقه سيكشف عن التفاصيل السياسية للخطة، والتي لا تزال طي الكتمان، ”عندما نكون مستعدين“، مضيفا ”سنرى ما يحدث“.
وقال إنه سيتسنى التوصل لاتفاق سلام عندما يستعد كلا الطرفين للموافقة على ذلك وإن أقر بأنهما ربما لا يفعلا ذلك مطلقا.
وقالت حنان عشراوي وهي مسؤولة كبيرة في منظمة التحرير الفلسطينية خلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة يوم الأربعاء ”ورشة العمل في المنامة ماكرة للغاية. إنها منفصلة تماما عن الواقع. الاحتلال (الإسرائيلي) نفسه هو الأمر الواضح وضوح الشمس“.
وتظاهر آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة وأحرقوا ملصقات لترامب ونتنياهو وكتبت على إحدى اللافتات عبارة ”لا لمؤتمر الخيانة.. لا لمؤتمر العار“.
وانتقد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الخطة بوصفها ”محاولات خادعة وتلاعب بالألفاظ على حساب الحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني“.
وقال ”يجب ألا يكون هذا المال على حساب ثوابتنا ولا على حساب القدس ولا على حساب حق العودة ولا على حساب السيادة ولا على حساب المقاومة“.
وتدعم السعودية والإمارات الخطة بشكل متحفظ لكن دولا عربية عديدة، منها لبنان، نأت بنفسها في حين أرسلت كل من مصر والأردن، الدولتان العربيتان اللتان أبرمتا معاهدة سلام مع إسرائيل، نائب وزير المالية.
وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يوم الأربعاء إن كلا من الحكومة والبرلمان في بلاده يعارضان الخطة الأمريكية.
وقال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن خطة كوشنر ”فرصة لا تعوض“.
وكرر الوزير الحاجة إلى حل الدولتين الذي تقوم عليه كل خطط السلام منذ عقود في حين يرفض فريق ترامب الالتزام به.
وأضاف بالإنجليزية لمحطة كان الإسرائيلية ”أعتقد أننا إذا أخذنا هذا الموضوع بجدية فقد يكون عاملا مهما لتغيير قواعد اللعبة“.
* صفقة صعبة
وتأمل واشنطن في أن تمول دول خليجية عربية الخطة التي تتوقع من دول مانحة ومستثمرين المساهمة بمبلغ 50 مليار دولار للفلسطينيين ودول عربية مجاورة.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن المملكة ستدعم أي شيء يحقق الازدهار في المنطقة لكن من المهم أن ”يقود القطاع الاقتصادي هذا“.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية عبيد حميد الطاير ”يجب أن نعطي هذه المبادرة فرصة“.
وتقول الرياض إن أي اتفاق سلام يجب أن يستند إلى مبادرة السلام العربية التي تقودها الرياض وتدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على الحدود التي تسبق احتلال إسرائيل للأراضي العربية في حرب عام 1967، وكذلك إلى أن تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين وإلى حق العودة للاجئين، وهي نقاط ترفضها إسرائيل.
ولم يتضح ما إذا كان فريق ترامب يعتزم التخلي عن حل الدولتين الذي تدعمه الأمم المتحدة ومعظم الدول. ويقول كوشنر إن الخطة لن تلتزم بالمبادرة العربية.
ويتعين أن يسوي أي حل قضايا معلقة منذ فترة طويلة مثل وضع القدس وحدود يتفق عليها الجانبان ومخاوف إسرائيل الأمنية ومطالب الفلسطينيين بإقامة دولة ومصير المستوطنات الإسرائيلية والوجود العسكري في الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
ويرفض القادة الفلسطينيون التعامل مع البيت الأبيض، متهمين إياه بالانحياز لإسرائيل. وخرج ترمب عن الإجماع الدولي في 2017 باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أغضب الفلسطينيين والعرب.
وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي أمام اجتماع المنامة إن تجربة الصندوق في الدول المنكوبة بالصراعات تظهر أن تحقيق نمو اقتصادي في مثل هذا المناخ ينطوي على صعاب.
ويشارك في ورشة العمل 300 مبعوث من بينهم رجال أعمال إسرائيليون. وخلال فسحة بين الجلسات، طفت على السطح خلافات بين الجانبين العربي والإسرائيلي.
وكان رجل الأعمال الإسرائيلي شلومي فوجل يتحدث مع سيدة أعمال إماراتية. وردا على سؤال على رأيهما في خطة كوشنر قال فوجل ”إذا انتظرنا السياسيين فسننتظر إلى الأبد. يمكننا تنفيذ أجزاء من هذه الخطة الاقتصادية في ظل وجود الدعم المناسب“.
لكن سيدة الأعمال التي تقيم في دبي قالت إن الخطة طموحة لدرجة تجعلها عصية على التنفيذ في أي وقت قريب.
وقالت ”كانت هناك جهود مثل أوسلو ولم تنجح وكان هذا بسبب الإسرائيليين... لا يمكنك افتراض أن ينجح الاقتصاد إذا لم تتحرك السياسة“.