صنعاء(نيوزيمن):"سمية" طالبة في الصف الأول الثانوي وتتلقى تعليمها في مدرسة حكومية بالعاصمة صنعاء، حيث تسيطر المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، وتتعرض لعملية ترسيخ ثقافة دينية وفكرية ومذهبية خاصة بالمليشيات مثلها مثل بقية الطلاب في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثي.
عادت سمية إلى أسرتها لتسأل والديها: هل صحيح أن علي بن أبي طالب كان هو النبي لكن جبريل أخطأ ونقل الوحي إلى ابن عمه محمد؟
وحين سألها والداها من أين أتيت بهذه المعلومة؟
أجابت من أستاذة التربية الإسلامية.
وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية سارعت مليشيات الحوثي للسيطرة على كل مفاصل وزارة التربية والتعليم، وبدأت بممارسة عملية ممنهجة تستهدف إحداث تغيير بنيوي في مضمون المنهج الديني الذي يدرس للطلاب وبشكل يعتمد على ترسيخ أفكارها المذهبية والعنصرية وأفكارها القائمة على مزاعم الحق الإلهي في السلطة وادعاء الانتساب إلى نسل الرسول واحقيتهم في الحكم والولاية وإعادة مفهوم الصراع إلى القرون الهجرية الأولى...الخ، من المضامين المذهبية العنصرية والفكر المتطرف والإرهابي التي تروج لها المليشيات الحوثية وتعتبرها دينا يجب الدفاع عنه والقتال من أجله.
وتعد قصة سمية أنموذجاً لمئات آلاف الطلاب الذين يتعرضون حاليا لعمليات غسيل دماغ وتغيير ثقافي ديني وايديولوجي متطرف من قبل المليشيات، وهو ما بات يمثل إحدى الوسائل التي يعمل الحوثي من خلالها على تحشيد الشباب إلى صفوف مقاتليه واستخدامهم وقودا في معاركه ضد اليمنيين وفي سبيل استمراره في السلطة في المناطق التي يسيطر عليها.
ترسيخ مزاعم الولاية وتحشيد الشباب للقتال
تقول سمية لنيوزيمن: إن مدرستها لمادة التربية الإسلامية، وهي من العناصر المنتمية للمليشيات الحوثية، تدرسهم كلاما لا علاقة له بالمناهج التعليمية، وتحاول إقناعهم أن هذا هو الدين الصحيح، حيث تتحدث عن أحقية علي بالولاية وانه يجب الاخذ بثأر الحسين وان كل من لا يؤمن بولاية علي بن ابي طالب والآن بولاية من ينتسبون اليه وفي مقدمتهم عبدالملك الحوثي فهو خارج عن الدين ومنافق يجب مجاهدته وقتاله.
وتضيف: إن مدرستها تعطيهم محاضرتين أسبوعيا عن فضل الجهاد مع مليشيات الحوثي وضرورة ان يساهم الشباب في هذا الجهاد بالذهاب إلى الجبهات، وتحثهم على التبرع من مصاريفهم اليومية لدعم ما تسميه المليشيات بالمجهود الحربي.
وفضلا عن ذلك فإن ترديد شعار صرخة الموت الحوثية بات يرسخ في أذهان الطلاب من قبل مدرسي المليشيات بانه شعار جهادي يجب ترديده والجهر به وأن كل من يرفض ترديده أو يسعى لتمزيقه أو طمسه من المساجد أو الشوارع فهو عدو لله، حسب مزاعم المدرسين الحوثيين الذين يلقنون مثل هذه الادعاءات للطلاب كما تؤكد ذلك سمية.
ومثلت التربية والتعليم إحدى أبرز القضايا التي ظلت مثار خلاف بين المؤتمر الشعبي العام ومليشيات الحوثي منذ العام 2014م حيث ظل المؤتمر يرفض سعي الحوثيين لترسيخ توجهاتهم المذهبية والعنصرية في المدارس ويواجه عمليات الإقصاء والاستبدال للكوادر التربوية والتعليمية بعناصرهم والموالين لهم، وصولا إلى رفضه المطلق لقضية تعديل مناهج التعليم والتي كانت إحدى أبرز القضايا التي فجرت الخلافات بين قيادة المؤتمر والحوثيين الذين قاموا بعملية تغيير شاملة في مجال التربية والتعليم عقب اغتيالهم لرئيس المؤتمر الشهيد علي عبدالله صالح ورفيقه الأمين العام الشهيد عارف الزوكا وعدد من قيادات المؤتمر في ديسمبر من 2017م.
وتدار وزارة التربية والتعليم في صنعاء من قبل شقيق زعيم المليشيات يحيى بدر الدين الحوثي الذي يعد أحد أبرز العناصر المتطرفة مذهبيا وفكريا في المليشيات، حيث حول وزارة التربية ومؤسساتها إلى مؤسسات تعمل لخدمة مليشياته من خلال التعيينات التي شملت مختلف مفاصل الوزارة ومكاتبها في المحافظات والمدارس التابعة لها في التعليم الأساسي والثانوي.
الفكر الإيراني في مدارس صنعاء
ولأن المليشيات الحوثية هي الذراع الإيرانية في اليمن فإنها لا تالو جهدا في إثبات ولائها للإيرانيين من خلال سعيها لترسيخ أفكار ذات علاقة بإيران في أوساط طلاب وطالبات التعليم الأساسي والثانوي في صنعاء ومناطق سيطرتها، حيث تقول سمية إن مدرستها الحوثية تحدثهم عن الخميني بأنه روح الله ومجاهد عظيم استطاع أن يقوم بثورة إسلامية أعادت الحق لأصحابه.
وتضيف نقلا عن مدرستها: إن الخميني كان أكثر الناس شبها بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأن إيران اليوم هي من تقود المقاومة ضد الظالمين والمنافقين الذين يعدون استمرار لنهج الظلم الأموي، كما تزعم المليشيات.
وحسب مزاعم المعلمين والمعلمات الحوثيات فإن إيران هي الدولة الوحيدة التي تدافع عن فلسطين وأن دعمها للمليشيات الحوثية في اليمن وحزب الله في اليمن وحماس والجهاد في فلسطين والحشد الشعبي في العراق هو المقدمة لتحرير فلسطين.
زيارة مقابر المليشيات مقابل الدرجات
وفي نفس السياق فإن مدارس العاصمة ومناطق سيطرة المليشيات باتت مسرحا تستخدمه عصابة الحوثي لفرض عمليات زيارات منظمة إلى مقابر قتلى المليشيات، حيث يفرض المدرسون على الطلاب والطالبات زيارة مقابر قتلاهم حتى إن بعض المدرسات، كما حصل مع سمية، فرضت على طالباتها شراء بوكيهات ورود ووضعها فوق مقابر قتلى المليشيات كنوع من إثبات التعظيم لهم باعتبارهم مجاهدين كما هي مزاعم الحوثيين.
ونظمت المليشيات زيارات بالقوة لطلاب وطالبات المدارس في العاصمة صنعاء إلى مقابر قتلاها وبالذات إلى قبر صالح الصماد في ميدان السبعين واعتبارها نوعاً من الواجبات المكملة والضرورية للحصول على درجات التحصيل العلمي