(ا ف ب):أكدّت السعودية والإمارات الأحد أنّهما لا تريان ضرورة لزيادة انتاج النفط في الوقت الحالي، ودعوتا إلى التزام مستوى خفض الإنتاج المتفق عليه، رغم تراجع الصادرات الإيرانية والفنزويلية بفعل العقوبات الأميركية المشدّدة والاضطرابات السياسية.
وجاءت التصريحات السعودية والاماراتية خلال اجتماع للدول المصدرة في منظّمة "اوبك" وخارجها، انعقد في جدة في وقت يشهد الخليج توترات متصاعدة على خلفية النزاع الاميركي الايراني.
وأوضح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في مؤتمر صحافي "نرى أن المخزونات لا تزال ممتلئة"، مضيفا "لا أحد بيننا يريد مخزونات متضخّمة. علينا أن نكون حذرين".
بدوره قال وزير الطاقة الاماراتي سهيل المزروعي "لا أعتقد أن خفض الاقتطاعات خطوة صحيحة"، مضيفا "لاحظنا أن المخزونات تزداد، ولا أرى أنه من المنطقي" تعديل الاتفاق.
ورغم تراجع الصادرات النفطية في إيران وفنزويلا، واتفاق خفض الإنتاج بـ1,2 مليون برميل في اليوم منذ كانون الثاني/يناير الماضي، يواصل المخزون العالمي الارتفاع، ما يؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط.
ومن غير المتوقع أن تصدر عن الاجتماع أي قرارات، إلآ إنه قد يخرج بتوصيات قبل اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط في حزيران/يونيو المقبل، ستشارك فيه إيران.
وتبحث الدول المصدّرة في جدة وضع السوق ومدى إلتزام الدول اتفاق الحد من الإنتاج الذي تم التوصل إليه العام الماضي، إلا إن إيران، الغائبة عن اللقاء، ستكون على رأس جدول الأعمال في الاجتماع الذي يستمر ليوم واحد.
كما ينعقد الاجتماع بعدما دخلت العقوبات الأميركية المشدّدة على إيران وقطاع النفط فيها حيز التنفيذ هذا الشهر.
وصرح وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك الأحد كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية "نحن مستعدون، خصوصاً، لدرس تخفيف بعض المعايير وإعادة الانتاج إلى ما كان عليه في شكل جزئي إذا تطلب الطلب ذلك".
- أمن محكم -
وكانت أربع سفن، بينها ثلاث ناقلات نفط ترفع اثنتان منها علم السعودية، تعرضت لأعمال "تخريبية" قبالة الإمارات قبل أسبوع، قبل أن يشنّ المتمرّدون اليمنيّون المقرّبون من إيران هجوماً ضدّ محطّتَي ضخّ لخط أنابيب نفط رئيسي في السعودية بطائرات من دون طيّار.
وحذّرت الرياض، أكبر مصدّر للنفط في العالم، من أن هذه الهجمات "تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي"، لكنها أكّدت فجر الاحد أنها لا تريد حربا مع إيران.
وأكّد الفالح الأحد أن المنشآت النفطية في المملكة الثرية محميّة بشكل كبير، موضحا "الصناعة النفطية تتمتع بأمن محكم" (...) الكل معرّضون لأعمال تخريبية".
وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب أعلن الشهر الماضي أن السعودية ودولا اخرى في اوبك وافقت على طلبه زيادة إنتاج النفط من أجل خفض الاسعار من جديد.
وذكرت منظمة الدول المصدّرة والوكالة الدولية للطاقة هذا الشهر أن امدادات النفط تراجعت في نيسان/ابريل مع بدء تطبيق العقوبات الاميركية المشدّدة على إيران والتزام الدول النفطية خفض الانتاج.
وذكرت وكالة الطاقة إن الانتاج الإيراني تراجع في نيسان/ابريل إلى 2,6 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ نحو خمس سنوات، بعدما كان عند عتبة 3,9 ملايين قبل أن تعلن واشنطن انسحابها من الاتفاق النووي قبل نحو عام.
وقد ينخفض مستوى الإنتاج بشكل أكبر في أيار/مايو الحالي ليصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988.
وذكرت مؤسسة "كبلر" الاستشارية في مجال الطاقة إن الصادرات الإيرانية تراجعت من 1,4 مليون برميل في نيسان/أبريل إلى حوالى نصف مليون برميل في أيار/مايو، مقارنة بـ2,5 مليون برميل في فترة ما قبل الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي.
كما أن الإنتاج الفنزويلي يعاني بدوره على وقع الاضطرابات في هذا البلد، وقد تراجع إلى أكثر من النصف منذ الربع الثالث من العام الماضي.
وتظهر احصاءات "كبلر" أن الدول الموقعة اتفاق خفض الإنتاج التزمت حصصها، إلا إن الدول المصدّرة تخشى أن تؤدي أي زيادة في الانتاج لتعويض النقص الناجم عن غياب الخام الايراني إلى رد فعل عكسي يدفع الاسعار نزولا.
- توترات في الخليج -
وتجتمع الدول النفطية في جدة في وقت تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، بينما يخشى مراقبون أن تؤدي أي حوادث في الخليج إلى تداعيات أكبر على المنطقة وامدادات النفط.
وهدّدت إيران مراراً بإغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره نحو 35 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، في حال وقعت حرب مع الولايات المتحدة أو حدوث تطورات في الخليج على نحو خطير.
وتظهر الهجمات التي تعرّضت لها منشآت نفطية في السعودية والإمارات بنيت لتكون بمثابة بدائل من مضيق هرمز، أن هذه الطرق قد لا تكون آمنة، وقد تصبح مستهدفة مع تصاعد التوتر.
واتّهمت السعودية الخميس إيران بإعطاء الأوامر للمتمردين اليمنيين بمهاجمة منشآتها النفطية.
ودعت الرياض ليل السبت إلى عقد قمّتَين "طارئتين"، خليجيّة وعربيّة، في مكّة، للبحث في الاعتداءات، عشية قمة اسلامية تستضيفها المدينة السعودية أيضا.
وقبل ساعات من اجتماع جدة، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في مؤتمر صحافي في الرياض إنّ بلاده "لا تريد حرباً ولا تسعى لذلك وستفعل ما بوسعها لمنع قيام هذه الحرب، وفي الوقت ذاته تؤكّد أنّه في حال اختيار الطرف الآخر الحرب، فإنّ المملكة ستردّ على ذلك بكلّ قوّة وحزم وستدافع عن نفسها ومصالحها".
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أكّد الشهر الماضي إن بلاده مستعدة لتعويض النفط الايراني في السوق، في خطوة من شأنها ان تغضب إيران وتثير أسئلة حول مستقبل اوبك، التي تؤدي إيران دورا مهما فيها.