برلين (رويترز) - قالت دول أوروبية يوم الخميس إنها تريد الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران ورفضت ”إنذارات“ من طهران بعد أن تحللت من قيود مفروضة على برنامجها النووي وهددت بتحركات قد تشكل انتهاكا للاتفاق.
وأعلنت إيران يوم الأربعاء عن خطوات تمثل تراجعا عن بعض القيود على برنامجها النووي، وذلك ردا على عقوبات جديدة فرضتها الولايات المتحدة بعد أن انسحبت من الاتفاق قبل عام.
والتحركات الأولية التي أعلنتها طهران لا تمثل فيما يبدو انتهاكا للاتفاق حتى الآن، لكن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال إنه ما لم تجد القوى العالمية سبيلا لحماية الاقتصاد الإيراني من العقوبات الأمريكية خلال 60 يوما، فستبدأ بلاده تخصيب اليورانيوم لمستوى يتجاوز المنصوص عليه في الاتفاق.
وجاء في بيان مشترك صدر عن الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا ”نرفض أي إنذارات وسنقيّم امتثال إيران على أساس أدائها فيما يتعلق بالتزاماتها النووية بموجب خطة العمل الشاملة (الاتفاق النووي) ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية“.
وقال التكتل والوزراء في البيان ”عازمون على مواصلة الجهود من أجل استمرار التجارة المشروعة مع إيران“، وأضافوا أن هذا يشمل تفعيل الآلية الخاصة بالتبادل التجاري مع إيران.
وردا على ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر إن على الدول الأوروبية الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع بلاده وتطبيع العلاقات الاقتصادية رغم العقوبات الأمريكية ”بدلا من مطالبة إيران بالالتزام من جانب واحد باتفاق متعدد الأطراف“.
ويُلزم الاتفاق الذي أبرم عام 2015 إيران بتحجيم برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية. ووقعت إيران على الاتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين.
* محافظون
انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق قبل عام وفرضت عقوبات على إيران وعززتها هذا الشهر بعد أن أمرت كل الدول بوقف مشترياتها من النفط الإيراني وإلا فرضت عليها عقوبات.
وتمثل هذه الخطوة معضلة لحلفاء واشنطن الأوروبيين الذين يقولون إنهم يشاركونها مخاوفها بشأن تصرفات إيران لكنهم يعتقدون بأن أساليب إدارة ترامب قد تأتي بنتائج عكسية.
وعارض حلفاء واشنطن الأوروبيون القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق، وقالوا إنه يصب في صالح المحافظين في إيران ويقوض الشخصيات المعتدلة ضمن القيادة الإيرانية التي تريد انفتاح البلاد على العالم.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس إلى توسيع نطاق الاتفاق النووي ليشمل قضايا أخرى تهم الغرب، مثل سياسات إيران الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، بدلا من الانسحاب منه.
وقال ماكرون ”الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خطأ لأنه يفسد ما حققناه بالفعل. ولهذا السبب فإن فرنسا باقية (في الاتفاق) وستبقى جزءا منه وآمل بشدة أن تبقى إيران“.
وأضاف ”ساهمنا في التفاوض على هذا الاتفاق. بل إن فرنسا في ذلك الوقت ضغطت لكي يكون أكثر قبولا مما كانت ترغب الولايات المتحدة. إنه اتفاق جيد وقاعدة جيدة. يجب استكماله“.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الاتحاد الأوروبي يريد تفادي التصعيد في الخلاف، مضيفة أن على إيران الاعتراف بأنه من مصلحتها الشخصية البقاء ملتزمة بالاتفاق.
ويحاول الأوروبيون العمل بنظام يسمح للمستثمرين من الخارج بالتعامل مع إيران مع تفادي العقوبات الأمريكية. لكن الآلية فشلت حتى الآن على أرض الواقع في ظل إعلان كل الشركات الأوروبية الكبرى، التي سبق وقالت إنها تعتزم الاستثمار في إيران، أنها ستتوقف عن فعل ذلك.
ودائما ما تنفي إيران أنها تسعى لإنتاج سلاح نووي.
وتقول طهران إنها تريد الالتزام بالاتفاق النووي. وقال متحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية يوم الخميس إن هدف إيران هو إعادة الاتفاق إلى مساره.
لكن طهران أكدت أيضا على أنها ستنسحب من الاتفاق، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، إذا لم تحصل على المزيد من الدعم الاقتصادي.
ونقلت قناة (برس تي في) الإيرانية عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني قوله مساء يوم الأربعاء ”لم نترك خطة العمل الشاملة المشتركة حتى الآن، لكننا نضع هذه الخطوة على جدول أعمالنا وسيحدث هذا خطوة بخطوة“.
ويقول مؤيدو الاتفاق النووي، بمن في ذلك الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما وحلفاء ترامب الأوروبيون، إن الاتفاق يطيل الوقت الذي ستستغرقه إيران لصنع سلاح نووي إذا قررت القيام بذلك، ويضمن اكتشاف ذلك.
ويرون أن رفع العقوبات سيظهر للمواطنين الإيرانيين فوائد التعاون مع العالم وسيجعل من الصعب على المحافظين التراجع عن الإصلاحات.
وتدفع إدارة ترامب بأن الاتفاق النووي معيب لأنه ليس دائما ولا يتناول برنامج الصواريخ الإيراني ولا يعاقب طهران على ما تعتبره واشنطن تدخلا في شؤون دول المنطقة.
وتقول فرنسا، بقيادة ماكرون، إن هذه القضايا سيكون من الأسهل معالجتها في اتفاق مستقبلي إذا تم الاحتفاظ بالاتفاق الحالي. وتقول إيران إن برنامجها الصاروخي وسياستها الإقليمية قضايا سيادية غير قابلة للتفاوض.
ويلقى موقف ترامب المتشدد دعما من إسرائيل ومن حلفاء الولايات المتحدة العرب، مثل السعودية والإمارات اللتين تعتبران إيران عدوا وتستفيدان من أسعار النفط العالمية إذا توقفت صادرات إيران النفطية.